من المسؤول عن أزمة رواتب الموظفين؟
بقلم: أ. دلير درويش – المستشار الإعلامي والأكاديمي
إن قطع الأرزاق من أعظم الجرائم في ميزان الشريعة الإسلامية، بل هو أشد من قطع الأعناق. فالمال قوام الحياة، وبه تُقضى الحاجات وتُسدّ الكُرب، والله تعالى قد جعل لكل إنسان نصيباً من الرزق، فقال: {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا}. فكيف بكم، يا من تولّيتم شؤون البلاد والعباد، تقفون عائقًا بين الناس وأرزاقهم، وتحجبون عنهم ما جعله الله لهم حقًا لا منّةً من أحد؟ أليست هذه خيانة للأمانة؟ أليس ذلك ظلمًا بيّنًا تُسألون عنه يوم الدين؟
أيها الساسة والقادة – سواء في حكومة الإقليم أو في بغداد – اعلموا أن التاريخ لا يرحم، وأن صفحاتكم السوداء قد كُتبت، وستُقرأ أمام الأجيال القادمة بلا تزييف. لقد كنتم شهودًا على وجع الناس، بل شركاء في صناعته، صامتين حينًا، ومتواطئين حينًا آخر، تُديرون ظهوركم لمعاناة المعلمين، والموظفين، والكوادر الطبية، والشرائح الفقيرة التي باتت تتسوّل حقوقها.
إن أزمة الرواتب ليست أزمة مستعصية، بل لها حلول كثيرة، ولكنها تتطلب شرطًا واحدًا: أن تتخلوا عن مصالحكم الضيقة، وأن تكفّوا عن التحالف مع الفساد، وعن التبعية العمياء لأجندات خارجية إقليمية جعلت منكم أدوات لخدمة مشاريعها. إن من لا يملك قرارَه، لا يستطيع أن يُصلح حال وطنه، ومن باع كرامته السياسية، لا يُنتظر منه أن يصون كرامة الناس ومعيشتهم.
وختامًا أقولها بمرارة المؤمن وعدالة المظلوم: إن الله عادل، لا ينسى، وسوف ينتقم من كل من كان سببًا في تجويع الناس وحرمانهم من لقمة العيش. إن لم تُحاسبكم المحاكم، فالله أعدل الحاكمين، وإن لم يُسقطكم الشعب، فدعوة مظلوم واحدة تُسقط عروشًا من ذهب.
لكم من الله العقاب، ولكل مظلوم الدعاء.